في
أواخر الخمسينات قامت فرنسا بالعمل مع بعض الدول بتقسيم الطوارق بين الدول
التي يوجد بها الطوارق كما حدث مع الشعب الكردي بعد الحرب العالمية الأولى
حيث حرم من دولة خاصة له والسبب أن أمراء الطوارق رفضوا مساندة فرنسا ضد
ألمانيا مما دفع بالسلطات الفرنسية إلى تقسيم أرضهم وفرض سياسات عنصرية
ضدهم خاصة في مالي والنيجر وبعد الاستقلال في عام 1960 بدأت أول ثورة مسلحة
في كيدال و لكن دول الجوار وقفت مع مالي عندما
وقعت اشتباكات حدودية بين الجزائر والمغرب أدت إلى قيام الجزائر والمغرب
بتسليم القيادات الطوارقية لمالي.
بعد ذالك عاش الطوارق عشرية من القهر
والتنكيل والتعتيم الإعلامي حتى جفاف عام 1973 والذي زاد من وطأته تغيير
حكومة مالي مجرى نهر الأزواد ليروي مناطق السود ويعطشهم ، توالت الهجرة إلى
ليبيا بهدف إكتساب المزيد من الخبرات وانخرط الطوارق في الجيش الشعبي
الليبي حيث ارسلوا للحرب مع تشاد ومع المنظمات الفلسطينية التي تدعمها
ليبيا مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل
ومات منهم 600 من أصل 1800 أرسلوا إلى هناك أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان
1982 عادوا إلى ليبيا وفي عام 1985 شكلوا أول خلية لحشد الدعم الشعبي
للجبهة التي لم يساندها من الدول أحد وكانت الجبهة باسم " الحركة الشعبية
لتحرير أزواد " بقيادة إياد غالي ثم أنشقت عنها الجبهة الشعبية لتحرير
أزواد يقيادة عيسى سيدي محمد والجيش الثوري لتحرير أزواد بقيادة عبدالرحمن
غلة فيما شنت الجبهات هجمات ناجحة وموجعة بحق الجيش المالي أربكته مما جعله
يستنجد بدول الجوار وقد تزامنت هزائم مالي مع ثورة شعبية ضد الرئيس المالي
موسى تراوري الذي حكم البلاد مابين 1968 – 1991 ووقع انقلاب بقيادة الرئيس
أمادو توماني توري الذي كان متطرفا في عدائه للبيض الطوارق فقتل الألآف في
مدن تين بكتو وليرة وغاو وأباد قرى ومجمعات سكنية طوارقية ورفضت وسائل
الإعلام العربية والفرنسية في عام 1992 الإشارة لجرائمه بحجة أن مالي جزء
من التحالف الدولي المعادي للعراق بقيادة صدام حسين. وفي عام 1992 أرغم
الطوارق بضغوط فرنسية جزائرية – مصرية – مغربية على التوقيع على اتفاق
سلام يحفظ لمالي ماء الوجه ويفكك جبهتهم وينقل مقاتليهم للجيش النظامي
المالي . وقد انشأ الرئيس المالي أمادو توماني توري ميليشية معادية للطوارق
حركة غندغوي ( (gan dagoy حامية العنصرية في مالي بدأت هذه الحركة بزرع
التفكير العنصري في أذهان السود ، من أن الأبيض لا يعتبر الأسود سوى عبدا
له كان اسم جبهة غندغوي ( (gan dagoy مرادفا للفساد والقتل والتشريد وكل
صنوف العنصرية الذين عانى الشعب الازوادي منها في مالي . ومعنى غندغوي(
(gan dagoy ( ملاك الأرض ) وهو كما يبدو اسم سافر اتخذته هذه الجماعة التي
لا يخفى نشاطها على أحد في جمهورية مالي وجبهة غندغوي( (gan dagoy هذه جبهة
قومية عنصرية تغلغلت بين بعض أبناء مالي من أصل السنغالي ( إحدى القبائل
الأفريقية المنتشرة شمال مالي ) وقد بدأ نشاط هذه الجبهة مع تفجير
ثورة(الازواديين )كلتماشق التي عارضوها بشدة إذ اعتبروهم دخلاء وضيوف لا
حق لهم في أرض مالي حتى تكون لهم أية مطالب . ويتهم الجميع الجيش بتأسيس
هذه الحركة ودعمها خاصة أن معظم جنود الجيش وضباطه من قبائل السنغاي هذه ،
وكان رئيس هذه الجبهة يدعى عبدالله محمد الأمين ميغا، يمارس نشاطه في
العاصمة باماكو ولم يكن يستطيع أحد من معارضته ولا التفوه بوجهه بكلمة
واحدة . وبالرغم من نفي الحكومة المالية في البداية وجود أي جماعة بهذا
الاسم إلا أن نشاط -غندغوي- الذي تمارسه علنا ويقوم به عدد من كوادرها من
ذوي المؤهلات العالية جعل الحكومة تعترف بوجودها ، برغم ادعائها أنها
((تستنكر)) نشاطاتها وتحاربها وهو أمر لم يلمس أحد صدقه ولا حصوله أثناء
اشتعال الأزمة . أسباب قوتها ويرجع سبب قوة جبهة غندغوي( (gan dagoy إلى
عدة أسباب : أولها : انها تحظى برعاية كبار ضباط الجيش المالي وعلى رأسهم
الرئيس الانتقالي السابق لمالي (الكولونيل) ثم (الجنرال) ثم (الرئيس مجددا
بالانتخاب) أمادوتوماني توري ، الذي يهيمن هيمنة حقيقية على زمام الأمور في
البلاد ، وتوري الذي يتحدر هو أيضا من قبائل السنغاي العنصرية لا يخفى
دعمه لهذه الجبهة بدليل أن بعض أبرز قادة هذه الجبهة هم من زملائه الضباط
الذين لا يزالون في صفوف الجيش المالي . أخذت جبهة غندغوي( (gan dagoy
أثناء الحرب شكلا تنظيميا كبيرا ونفوذا واسعا خاصة في باماكو يتجلى في نشاط
مسؤوليها في الجانب الإعلامي وغيره فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة Tambour
الصادرة في تشرين الثاني / نوفمبر 1994 حيث نُشر فيها لقاء مطول تصدّر معظم
الصفحة الأولى لذلك العدد أجرته الصحيفة مع المرشد السياسي لجبهة غندغوغي(
(gan dagoy ويُدعى هارون توري . وهو محام من كوادر هذه الجبهة ، تحدث عن
نشاط الجبهة وأهدافها وذكر الدول التي يوجد فيها ممولوها وبعد حديث فائض عن
الجبهة، أكد توري أن ما تقوم به هو ( واجب وطني ) ؟! وكما يتضح أن غندغوي(
(gan dagoy منظمة تنظيما عسكريا وسياسيا دقيقا جعل لها مرشدا سياسيا وأخر
عسكريا وممثلين في الخارج إضافة الى الممولين الذين يرأسهم أحد رجال
الأعمال في إحدى دول الشرق الأوسط . أما أبرز هذه الأجنحة فهو الجناح
العسكري الذي يدعمه توماني توري ويرأسه همادهمان كيتا أحد أبرز قادة جيش
مالي . أهداف غندغوي المعلنة أعلنت جبهة غندغوي أهدافها منذ بدأت تمارس
نشاطاتها وفي مايلي بعض الأهداف التي تدعو إليها هذه الجماعة وأعلنتها في
نشرتها المسماة (صوت الشمال). أن أول موقف تتوجه به إلى أهل شمال مالي ((
المناطق التي يقطنها الطوارق -كلتماسق-)) هو أن يعمل الجميع (( إي السود ))
على القضاء على المتمردين واللصوص المسلحين إن شعوب الشمال ((الطوارق
-كلتماشق-)) شعوب تائهة لا موطن لها ولا دول ، فهم جسم أجنبي في التنظيم
الاجتماعي في مالي ولهذا لا بد من دكهم لتطهير مدننا وقرانا من وجودهم .
أيها الشعب لننظم أنفسنا ونتسلح استعدادا للمعركة الكبرى لا بد لنا من أن
نجد حالة من اللاأمن في كل مكان. إن حركة غندغوي هي الحركة والثورة التي
ستجر معها (( البدو )) ويعني الطوارق . يا (( سركولي )) ميورو ويا (( فلان
)) تنكو ويا (( سنغاي )) تينبكتو وغاوا (( نداء لقبائل الشمال من غير
الطوارق والعرب ، اعملوا شبكة كثيفة وسلحوا أنفسهم . إن حل الشمال (( قضية
الطوارق )) ليس في المناقشات السياسية بل في حقائق الميدان ، اهجموا على
المتمردين اللصوص هذا هو القانون (( وهذه هي )) الديمقراطية . إن الدولة لم
تضعف قط مثل هذا الضعف – وعليه فلا بد من مساندتها لنشاطات قوية . علينا
توفير المال والعتاد للجيش . الطوارق البيض ليسوا إخواننا وعلينا أن نتفادى
فرض الحل الطارقي . أين بلد الطوارق الذي يطالب به المتمردون؟؟ هذه هي بعض
الشعارات والأهداف التي أعلنتها هذه الجماعة وسعت إلى تنفيذها أثناء
اشتعال الازمة. دبلوماسيون عنصريون عينت مالي في المملكة العربية السعودية
سفيرا من جبهة غندغوي يتحدث العربية بطلاقة اسمه الزبير حاول أن يزرع لدى
الدول العربية ولدى الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب فكرة ان
الطوارق إرهابيون وأمازيغ بربر وعجم مثل الكرد معاديين للعرب ويجب على
العرب والأفارقة استئصال هذا السرطان الإرهابي قبل أن يصبح قنبلة تنفجر على
الجميع.. وفي النيجر يقول سليمان– مقاتل سابق لقناة الجزيرة: قامت الثورة
في بدايتها على كل الأرض النيجيرية وبمشاركة جميع مكونات الشعب وليس
الطوارق فقط. ولكن مع بداية سنة 1990 عند الانطلاقة الفعلية للحرب انحصرت
المسألة في قبائل الطوارق الذين لم ينخرطوا بتاتا في الحياة السياسية
المحلية، استمرت الثورة ردحا من الزمن إلى أن حصل اتفاق السلام بين الحكومة
والثوار وقد تضمنت الاتفاقية المبرمة شروطا من جانبنا لم توفِ الحكومة إلى
الآن إلا بجزء منها، لا أجزم أننا قد نعود لحمل السلاح مرة ثانية أو لا
نعود لأنه ليس بأيدينا نحن فقط اتخاذ مثل هذا القرار فالأمر متروك لأبنائنا
إذا ما تعرضت حقوقهم لأي تهديد ومع ذلك فإن المسألة تهم كافة أبناء
النيجر. خلاصة القول يعيش الشعب الطوارقي حالة من الحصار والتعتيم الإعلامي
وزاد الطين بلة أن مالي تحاول إقناع أمريكا والدول العربية بأن هناك تواجد
كاذب لتنظيم القاعدة بهدف الحصول على الدعم الدولي في حملة للتطهير العرقي
بحيث تكون جرائمها ومذابحها ضد الطوارق مكافحة للإرهاب وتحظى بالدعم
العربي ضمن الإتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب حتى يصبح كل مناضل طوارقي
إرهابي وكل صحفي وداعية من دعاة حقوق الإنسان محرض وممول للإرهاب.