الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

الإرهاب، الاستدمار وأجهزة النظام.. المعالجة والحلول!




الإرهاب، الاستدمار وأجهزة النظام.. المعالجة والحلول!


ان ما تجنيه بعض الثورات العربية من مآسي ودمار وهمجية وبربرية مقيتة، تضطرالعقل العربي لمراجعات فكرية حول التنشئة والتربية والصّنعة السلوكية والمعرفية والفكرية للفرد المسلم، فلا الوسطية والاعتدال تقدر الآن بوسائلها وادواتها من مقارعة النظام (ظاهريا) ولا تستطيع كذلك مواجهة الجماعات المتطرفة (شكليا)، بالرّغم من حيازة هذه المدرسة على الكثافة الفئوية الواسعة من المجتمع (باعتباره معتدل بالفطرة)، فالنظام يعتمد على القلة الحاكمة باجهزة قوية، والجماعات الارهابية هي كذلك قلة قليلة جدا سواء على مستوى الفكر او المنتمين اليها لكنّها تؤثر بوضوحها واصرارها واسلوب معيشتها في الحياة رغم الضعف!

لست مع تخويف المجتمع من هكذا حراك ثوري قائم على مطالب مشروعة ولا ضدها إذا تطلب الأمر وقوعها، لكن في نفس الوقت مقتنع أنّها ليست هي الحل الكامل والشامل والعميق لمعاناتنا ومآسينا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية المتعددة، فعلى المفكرين والخبراء التفكير في اعداد مشاريع استراتيجية ونقل تجارب من شتى الأمم ودراستها بعمق واحاطتها بالظروف الثقافية والحضارية وفق السياق التاريخي والثقافي للأمة والأوطان العربية من أجل مغادرة نهائية لا جزئية لهذه الأزمات الصعبة والقائمة منذ عشرات بل مئات السنين.

وان الاستمرار في معالجة الأزمة بظاهرها دون باطنها، وفي شكلها دون محتواها والتعامل معها على أساس حدث لا ظاهرة شاملة وعميقة في المجتمع أو حقيقة مجتمعية معقدّة، وبخلفية من الحساسيات السياسية هو مضيعة للوقت، بل هو مشكلة مضافة لمشاكل تعددت واجهاتها وتفرقت الرؤية تجاهها حسب تخصص كل مثقف ومجتهد.

ما يحدث في ليبيا وجنوب السّودان وسورية والعراق (الآن) وشمال مالي وغيرها..، لن يكون وليس ببعيد عن اي دولة تنتمي للعالم الثالث (خاصة العربية)حدوث مثل هذه المشاهد والصور المؤسفة للمجتمعات ودون نتائج تذكر في الحريات والديموقراطية والعدالة والحوكمة الراشدة، فالمشكل اعمق بكثير من مناسبات سياسية وطروحات آنية لمعالجات وحلول ايديولوجية مختزلة في (أحزاب) و(ندوات سياسية) و(سقوط أنظمة) بطريقة كلاسيكية و(تشكيل حكومة وحدة وطنية) بحيل أنظمة معروف أجندتها وممارساتها.

وفي نفس الوقت أشاطر من يدعو لوجوب العمل السياسي بل ونقول هو ضرورة قُصوى للنّخب عند انعدام الحريات الحقيقية، لكن يبقى تأثيره بعيد عن مستوى تحقيق المبتغى الكبير والعظيم في تغيير الأجيال من السّيء الى الحسن، وعلى القيادات السّياسية الواعية مع ذلك تولية المشاريع الاستراتيجية الاهمية القصوى للخروج من العفن المجتمعي ومن الرداءة الفكرية وغياب الوعي الجماعي للأجيال الى مجتمع مدني قوي وتيارات واسعة قادرة بـ(صوت) على تغيير ما لم يغيّر طيلة عشرات السّنين من النّضال والممارسة والكفاح والخطب والتجمعات، لأنها أجيال لا تهتم للنقاشات الجزئية والفارغة من خلال سُمُو فكرها وصلابة قناعاتها وقوة وعيها وفاعلية تحركها وتأثيرها بمحيطها، إن إعداد الإنسان المثقف هو الوسيلة الوحيدة لبناء مجتمعات يمكنها القضاء وبسهولة على فساد أجهزة النّظام وحماية أمن البلاد من الجماعات المتطرفة والمدمرة لقيم الإنسانية.

ابراهيم هواري